وسط مخاوف السكان.. يريفان بين الأمل والريبة بعد اتفاق السلام مع أذربيجان
وسط مخاوف السكان.. يريفان بين الأمل والريبة بعد اتفاق السلام مع أذربيجان
تعيش العاصمة الأرمينية يريفان حالة من الترقب المشوب بالحذر بعد توقيع اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان في واشنطن برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وبينما تصف الحكومة الاتفاق بالتاريخي والفرصة لإنهاء عقود من الصراع الدموي، ينقسم الشارع الأرميني بين من يرى فيه فرصة للسلام ومن يعده تنازلًا مؤلمًا يمس السيادة الوطنية، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد.
ويقف المواطنون بين رغبة في الاستقرار وخوف من أن يتحول الاتفاق الأخير إلى مجرد وثيقة بلا ضمانات.
يستقبل الاتفاق بتحفظ
يبدي كثير من سكان يريفان مواقف متحفظة حيال الاتفاق، إذ يرى أساتور سرابيان (81 عامًا) أن التوقيع "أمر جيد لأنه لا خيار آخر أمام أرمينيا"، لكنه يقر بأن المكاسب محدودة وأن الاتفاق يمثل فقط خطوة أولى.
ويشدد سرابيان، على ضعف القدرات العسكرية لبلاده وغياب الحلفاء الأقوياء، معتبرًا أن السلام –ولو كان هشًا– أفضل من استمرار النزاع.
وتعرب مارو هونيان (31 عامًا) عن قبولها الحذر للاتفاق شريطة ألا يتعارض مع دستور البلاد، مؤكدة أن نجاحه مرهون بالتزام أذربيجان ببنوده، لكنها تقر بأنها ليست واثقة من وفاء باكو بوعودها، وترى أن التجارب السابقة تجعل الحذر واجبًا.
انتقادات لممر زنغزور
تنتقد أناهيت إيلاسيان (69 عامًا) بشدة مشروع "ممر زنغزور" الذي يربط أذربيجان بجيب نخجوان عبر الأراضي الأرمينية، وتراه انتقاصًا مباشرًا من السيادة.
وتشبه الأمر باضطرارها لاستئذان غريب للانتقال بين غرف بيتها، وتخشى أن يؤدي ذلك إلى إضعاف الحضور الروسي في المنطقة. تعتبر أن رئيس الوزراء قدّم تنازلات بلا مقابل، ولم يحقق استعادة أسرى الحرب أو الأراضي المحتلة.
ويتهم شافارش هوفانيسيان (68 عامًا) الاتفاق بأنه "وثيقة استسلام" أكثر منه معاهدة سلام، ويرى أنه لا يحقق أي مكاسب استراتيجية لأرمينيا.
ويعبر عن عدم ثقته في أذربيجان، ويتهم القيادة السياسية بأنها أدارت ظهرها لحلفاء تاريخيين كروسيا وإيران. يعتقد أن رعاية ترامب للاتفاق مرتبطة برغبته في تعزيز صورته الدولية وربما الفوز بجائزة نوبل.
تحذير من استقرار قصير
توضح الباحثة المتخصصة في شؤون القوقاز أوليسيا فارتانيان أن الاتفاق قد يمنح استقرارًا نسبيًا للأشهر أو السنوات القليلة المقبلة، لكنه لا يزيل جذور الصراع التاريخي.
وتشير إلى أن النزاعات السابقة بين البلدين على الحدود والأقاليم تجعل من الصعب الحديث عن سلام دائم، وتنصح بالاكتفاء بالتخطيط للمدى القصير.
وتستمر يريفان في متابعة تداعيات الاتفاق وسط مزيج من الأمل والقلق، حيث ينتظر السكان ما إذا كانت بنوده ستُترجم إلى واقع ملموس.
وبالنسبة لكثيرين، يبقى السؤال الأهم هو.. هل يكون هذا الاتفاق بداية لسلام دائم، أم مجرد استراحة قصيرة قبل جولة جديدة من الصراع؟